كتاب صغير الحجم بأفكار كبيرة يستعرضها جون هيجارتي ليجسد تجربته الإبداعية التي تزيد عن ٤٠ سنة في عالم صناعة الإعلان. ستجد بين كلماته العديد من الطرق والخطوات التي ستساعدك في تجديد سبل البحث عن الإلهام والإبداع واستدامة انسيابية العملية الإبداعية الخلاقة ووفرتها حولك وبداخلك، خاصة لمن يعمل في القطاعات الإبداعية ويحتاج لأفكار جديدة يوميا.

يعرّف هيجارتي الإبداع على أنه تعبير عن الذات فيشاركنا ٥٠ طريقة ساعدته شخصيا في التعبير عن ذاته من خلال أعماله ومشاريعه الإبداعية.
أهم ما شد انتباهي في الكتاب أُلخصه لك هنا:
1) ما الأصالة أصلاً؟
يرى هيجارتي بأنه لا وجود للأصالة أبدًا لأننا بطبيعة الحال نتغذى على إبداعات بعضنا البعض فنستعير الأفكار وندمجها ونطورها ونقننها لنخرج بأفكارنا المعجونة بأفكار الآخرين والذين هم بدورهم استعاروها من آخرين طوروها عن آخرين.
إذا كيف تتميز الأفكار؟ وكيف ندّعي وجود أفكار جديدة بغياب الأصالة؟ ببساطة يُجيب هجارتي عن هذا التساؤل بقوله: “بدلا عن الأصالة، أُفضل استخدام كلمة أكثر دقة وهي منعشة Fresh لأنني أؤمن بأن الإبداع يَسأل ويُجيب ويُلهم رؤيتنا للعالم، لذا وأنت في طريقك للبحث عن طريقة تُنعش بها أفكارك، اسأل نفسك الآتي:
1) هل ستقف عند هذا العمل الإبداعي؟ هل سيجذبك بسرعة؟ لأنه وبصراحة، لم يشترِ أحد شيئا وهو نائم!
2) هل يمنحك هذا العمل الإبداعي زاوية جديدة تنظر من خلالها للموضوع الذي يطرحه؟ هل يوقظ بداخلك اهتماما دفينا يقودك لتغيير رأيك في المسألة التي يناقشها؟
3) هل تمكنت من رؤية جوانب خفية للعالم من حولك خلال عملك على المشروع الإبداعي؟“
هذه الأسئلة، بحسب هيجارتي، ستعينك على الكشف عن جوانب أعمالك المنعشة وتذكر بأنه سيأخذ منك وقتا وجهدا لا بأس به لتجيب ب”نعم” لكل الأسئلة المطروحة.
2) أسلوب المقارنة Juxtaposition:
الفن الذي يضفي طابعًا دراميًا عند كل استخدام أو على الأقل هكذا يراه هيجارتي فيضرب لنا مثالًا بسيطًا يقوم به العديد من الفنانين والمصممين بوضع اللون الأبيض بجانب اللون الأسود ليبرز السواد أكثر. حيث يعتمد هذا الأسلوب على إظهار فكرتين أو عنصرين متضادين (بأغلب الأوقات) بجانب بعضهم البعض بهدف المقارنة واستخراج الفروقات أو الاستمتاع بهذا التضارب العجيب.
مثال بصري:

(المصدر: https://www.guggenheim.org/artwork/2594)
3) كيف سيتغلغل العالم بداخلك وأنت حبيس سماعتك؟
يبدو بأن من أكثر ما يزعج هيجارتي هي السماعات التي نتجول بها يوميًا ونظن بأننا نحتاج لهذه العزلة، أتذكر عدد المرات اللانهائية التي استخدمتها لأهرب من موقف ما أو لأتفادى شعور معين وعلى ما يبدو بأنني كنت مخطئة. لأن تساؤل هيجارتي في محله: “لمَ تحاول منع الإلهام من التدفق إليك؟ فهو منتشر بكل ما تراه وتسمعه وتلمسه وتتذوقه وتشمه وإن لم تشعر به يتغلغل بداخلك حينها.”
سر أصحاب الأفكار والصناعات المبدعة يكمن في فن الدهشة، أن تكون حاضرًا دومًا لأي لحظة انبهار تنتظرك.
4) اقرأ مجلة ذي إيكونوميست:
صحيح، نعم صحيح. المجلة البعيدة كليًا عن مجالك المبدع لأنه من الضروري أن تتشرب معلومات غير مألوفة من مصادر مختلفة عن تلك التي تبحر بها يوميًا. ويذكرنا هيجارتي بأنه إن كنا نقرأ فقط ما يقرأه الجميع ونذهب للأماكن التي يرتداها الجميع فسنفكر كما يفكر الجميع، ثم ماذا يحدث؟ ستندثر الأفكار المنعشة.
5) تحرك وجرّب مكانًا مختلفًا فأنتَ لست شجرة:
يكاد الكوكب يخلو من شخص لم تتجمد أفكاره في وقت ما، وبهكذا حالات، يقترح عليك هيجارتي أن تجرب أماكن جديدة للعمل لتخطي نضوب الأفكار الإبداعية. قد يكون التغيير سهلا وبسيطا كأن تطلب تبديل مكتبك الحالي مع زميلك وتحاول رؤية الأمور من زاويته أو أن تحيط نفسك بهالات جديدة عبر العمل في مقهى أو مساحة عمل متمايزة. كما يقترح الكاتب اقتراحًا رائعًا يساعد في إعادة التدفق الإبداعي: تذكرة سفر!
6) التفكير على المدى القصير:
على غير العادة، ينصح هيجارتي الأشخاص العاملين في القطاعات الإبداعية على تبني فكر المدى القصير انطلاقا من كون الإبداع عملية متجددة وتتطلب إعادة تعريف نفسك واختراعها في كل مرة وحقيقة لا تستطيع القيام بذلك إن كنت قد قررت مسبقا خطتك للخمس سنوات القادمة.

هيجارتي كان جزءًا من فريق العمل في وكالة BHH الإبداعية والتي تبنت الخروف الأسود ليمثل هويتها التجارية لغاية هذا اليوم
(المصدر: https://whyididntwritetoday.com/2017/04/15/when-the-world-zigs-zag/)
أخيرًا، كتاب خفيف يدعوك لتفكر بطرق عملك الحالية ويمنحك نكهة مختلفة تُنعش بها أفكارك.
كما يتوفر الكتاب بطبعة مميزة تحتوي على ورقة قابلة للأكل، للأسف لا أمتلك هذه النسخة ولكن أحببت تجسيده للإبداع في كتابه الصغير ذو الأفكار الكبيرة.
حنين طه.